حتى لا يكون الاستسهال مقبرة للاستقصاء في ليبيا

بقلم معتز ماضي *

منذ عدة أيام اتصل بي صديقي وزميلي العزيز “محمد النائلي” ليستشيرني حول تحقيق استقصائي، قال أنه نفذه (على عجل) ويتناول الانتهاكات التي تطال الصحفيين في ليبيا.
بعد الاستماع إليه قليلاً، أبلغته وبكل وضوح بأن التحقيق لا يتناول السعي في كشف فرضية معينة ومحددة، وبالتالي فهو لا يرتقى لأن يكون استقصائيًا، ونصحته بأن ينشره على كونه تقريرًا صحفيًا.
تفاجأت منذ يومين بأنه نشر التحقيق على أنه استقصائيًا، الأمر الذى أثار استيائي، وذلك لأسباب موضوعية. فقررت مضطرًا أن أبدى رأئي، وذلك خشية منى على فتح الباب لكل من يدعى تنفيذ تحقيقات استقصائية، فتضيع المجهود التي نعمل عليها، والمتمثلة في إدخال المنهج العلمي المعتمد دوليًا لمفهوم الصحافة الاستقصائية.

أولاً أود أن أوضح بشكل جلى، أن أى تحقيق استقصائي لكى يعتمد، يجب أن يتحصل على اعتماد مؤسسة مختصة بذلك.
ثانيًا التحقيق الاستقصائي يستند بشكل أساسي لفرضية يقترحها صاحب التحقيق عن خرق ما، مشكلة ما، فساد ما، لم يتم الكشف عنها من قبل، ويعمل على تحقيقها بداية بجمع أكبر قدر من المعلومات، والمستندات المتعلقة بالموضوع، ومن ثم التواصل مع مصادرها للوصول في نهاية الأمر لإثبات الفرضية من عدمها.
على فكرة من الممكن أن تكون الفرضية رواية ما، تسرى على أفواه بعض الناس عن وجود مشكلة ما، في مكان ما، لكن دون أى إثباتات حول وجودها من عدمه.
أنا أحمل تقديرًا كبيرًا للنائلي لمثابرته واجتهاده، كما إنه موجود معنا في مشروعنا الجديد، حيث يشارك في تنفيذ تحقيق استقصائي مهم، لكن وجدت نفسي مضطرًا بأن أتصدى لهذا الأمر حتى لا يكون الاستسهال مقبرة للاستقصاء في ليبيا.

* المدير التنفيذي للمؤسسة الليبية للصحافة الاستقصائية

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى