
تحقيق: عبد الله إسماعيل الوافي
انفلت القتل الأسري بدواعي الشرف المزعومة من عقاله في بيئةٍ محليةٍ ينتشر فيها السلاح غير المُرخص انتشارًا مريعًا، وترتخي فيها سلطاتُ جمع الاستدلالات والتحقيق والقضاء بسبب الاضطرابات الأمنية، وبسبب الفوضى العارمة، وعدم الاستقرار، حتى صار الركبان يحملون أخبار الحالات اليومية المتزايدة من القتل الأسري، وأخبارًا عن الدفن الصامت بعيدًا عن أعين الأجهزة الأمنية والأجهزة الإدارية الموكول لها اصدار تصريحات الدفن العلني والقانوني، كما انتشرت أخبار هذا النوع من الجرائم في منصات التواصل موثقةً غالبًا بالصوت والصورة، القتل الأسري بدواعي الشرف أضحى ظاهرةً خطيرةً ومن أخطر الظواهر التي تنم عن خلل في المنظومات التربوية والأخلاقية والأمنية والعدلية والدينية، فكم من زوجٍ مصونٍ، وُسمت بالعار ظلمًا وعدوانًا، وضمها التراب في غفلة عن العيون، وكم من عروس انقلبت بهجتُها في ليلةِ عُرسها الأولى إلى خوفٍ وعذابٍ بسببِ الظنون، وكم من زوج وأهل فتاة يافعة تشظوا إلى ولي دمٍ خصمٍ وحكمٍ وجلاد، بعد أن قرروا في غضونِ جلسةٍ يتيمةٍ عاجلةٍ إنزال القصاص بالضحية في ساعة من ليل أو نهار، وكم ضم الترابُ من مُهجٍ غالية وأرواحٍ طاهرةٍ في صمتٍ مُطبق، بسببِ أهلٍ راودتهم الشكوك والظنون، ونسوا أن الحدود تخضع إلى أحكام قرآنية، وتقيمها مؤسسات الدولة بعد صدور أحكام باتةٍ وقاطعة.
“غامدية” ليبيا .. طفلةٌ حسناءٌ قاصر
بالكاد أتمت الرابعة عشرة من عمرها، فتاة في ريعان الصبا، وانطوت على الكثير من الحُسن والجمال، ونالت نصيبًا وافرًا من اهتمام الأسرة والأقارب بسبب جمالها الصارخ، كما حظت بالكثير من الدلال المُفسد في أحايين كثيرة، وفي ذكرى مولدها الأخير رأت الطفلة القاصر أنها بحاجة للمزيد من الزينة، لتتربع على عرشٍ من عروش الجمال الأخاذ، والذي يسلب الألباب، فخطر ببالها أن تتوجه إلى المُزين لنيل بعض اللمسات الجميلة خاصةً على شعرها الفاحم، وفي المُزين لفتت انتباه البعض، أو ربما الكل، وكانت الشياطين تحوم في المكان، فدبروا لها مكيدةً، قُتلوا كيف دبروا، وظنوا أن هذا الجمال مُدرٌ للإعجاب والسحر والمال، وكان المالُ مبتغاهم، وكانوا قبل ذلك يجمعونه من كل مكان، وقد امتهنوا جمعه بكل السبل والطرائق وبكل حبائل الشيطان، زينوا لها حياة المجون، وأغروها بالمتع والأموال التي تجلب نفيس ما يليق بأميرة مثلها من ملابس فاخرة ومقتنيات شخصية مُريحة، ومن لذائذ الأطعمة والأشربة، فاستدرجوها في البداية لتتعاطى أنواعًا من الأقراص التي تتسبب في الاسترخاء والاستسلام وشيءٍ من الخدر، وتمكنوا خلال أيامٍ من ضمها إلى باقةٍ من ضحاياهم القدامى، وسلكوا بها بعض المسارب والدروب الحرام، قبل ان تتفطن أسرتُها إلى ذلك الغياب وإلى مظاهر النعم التي ظهرت عليها فجأةً، خاصةً عند تناولها لبعض الوجبات الفاخرة ، والتي لا تستطيع تلميذةٌ ادخار أثمانها من مصروفها اليومي، حتى إذا كانت من علماء الاقتصاد، وسرعان ما اكتشفوا الحقيقية المرة، وفي لحظة من لحظات الغضب الاسري الجم، نسوا أنها طفلةٌ، وأنها غير مُحصنة حتى تقام عليها الحدودُ المُغلظة، وأنها نتاج تربيتهم الخاطئة، أو التي انطوت على تقصيرٍ ما، فهاجموها بغتةً، وامطروها بوابل من الرصاص بما فيهم أحدُ اعمامها حتى يتفرق دمُها أسريًا ، لتُطوى قصةٌ من أكثر القصصِ غرابةً وألمًا.
تعتيم إعلامي وإفلات من العقاب
الأستاذة زينب الزايدي عضو لجنة الدستور: قالت بأن جرائم القتل الأسري تنتشر في الأرياف وفي المناطق القبلية أكثر منها في الحضرية، وأضافت بأن هذا النوع من الجرائم المؤسفة غالبًا ما يتعدد فيه الجناةُ من بين الأهل والأسرة، ولا تُقترف فيه الجريمة بإرادة منفردة، بل يواطئ فيه أغلب أفراد الأسرة بالمشاركة الفعلية أو بالتستر على الجريمة، اعتقادًا منهم بأنهم يثأرون لكرامتهم، ويغسلون عارهم.

وتضيف الأستاذة زينب بأن القضايا الأسرية، ورغم خطورتها على المجتمع إلا أنها تتعرض للتعتيم الإعلامي، ولا يتم طرحها بصورة جريئة باعتبارها “تابو” ومن المسكوت عنه، كما يغيب عقب وقوعها غالبًا نظرُها من قبل القضاء لحساسية القضايا الأسرية من ناحية، ولقيام أهل الضحية باستخدام حقهم في التنازل من ناحية اخرى، وفيما يتعلق بالأفعال التي تُقدم عليها الفتاة وتُعتبر أسبابًا وجيهة عند الأهل للقتل الاسري هروب الفتاة للتزوج بمن اختاره قلبها، وتثبيطها إرادة الأهل في التزوج بمن اختاروه زوجً لابنتهم، كذلك يأتي تعرض البنت للاعتداء الجنسي من بين أهم الأسباب التي تكمن وراء قتلها، وأيضًا الحمل والولادة خارج إطار الزواج الشرعي.
الأستاذة زينب تضيف بأن القتل الأسري يتم طعنًا أو خنقًا، أو من خلال إلقاء الفتاة من أماكن مرتفعة، أو دفعها لتناول مواد سامة، كذلك القتل باستخدام السلاح في ظل انتشار السلاح.
وتُبدي الأستاذة زينب أسفها باعتبار أن الجاني في هذه الجرائم ينجو غالبًا من العقاب، ما يساعد على تفشي هذا النوع من الجرائم، وينعكس بالتالي في نشر ثقافة العنف ضد المرأة، وفي تشويه مفهوم الشرف.
وتختتم قولها بأن القانون الليبي يتعاطى مع هذا النوع من الجرائم بالكثير من تخفيف العقوبات، والتي تتنافى حتى مع الشريعة الإسلامية التي تشترط أربع شهادات بشرية لإثبات وقوع جريمة الزنا.
الزوج المغدور أعد مسرح الجريمة
وبطش بزوجته وشقيقه الأصغر
سوسن (اسم مستعار) وافقت على الحديث معنا بشرط إخفاء اسمها الحقيقي، كانت من أجمل طالبات الكلية الجامعية التي كانت تدرس فيها، التقاها زميلها عدة مرات بعد أن سمع الكثير عن جمالها، وقد مكنه سكناه المجاور لبيتها من رؤيتها مرات عديدة أثناء غدوها ورواحها، فأحبها حبًا جمًا، أو هكذا بدأ له وبدأ لها، وبدأ للجميع، تقدم لخطبتها، ووافقت هي ووافق الأهل وباركوا لهما الزواج التقليدي الذي تم بعد سنوات قليلة من اللقاء الأول، ولم يقامر هو بالسؤال عنها بعد أن استقر هواها في قلبه، مخافة أن يسمع عنها ما لا طاقة له به، وعاشا حياةً مستقرةً، أنجبا فيها البنين والبنات إلى أن جاء اليوم الذي أسر له فيه بعضُ أقاربه بمعلومات كادت تفجر رأسه حول علاقة مشبوهة أقامتها الزوجة الحسناء بشقيقه الأصغر الذي يتمتع بالشباب والوسامة، وهمسوا له بان الشقيق يتسلل ليلاً كلما غاب عن البيت بسفر أو بمرض، فدبر الزوج خطةً تستهدف مداهمة البيت في ساعة متأخرة من إحدى الليالي، وبعد أن أخبرها بسفره العاجل والمزعوم إلى دولة تونس، عاقدًا العزم على ضبط الزوجة متلبسةً بجرم الخيانة إذا صحت الشائعات، وبعد أن حزم حقيبته وودع أولاده غادر البيت، وانتظر في مكان قصي، حتى أسدل الليل سدوله على الحي، وأرسل إلى زوجته عبر (الواتساب) رسالةً تفيد بتجاوزه البوابة الحدودية، وبعد منتصف الليل قفل راجعًا الى بيته، ولدى وصوله البيت استخدم المفاتيح بهدوء وحذر لتحقيق عنصر المباغتة، فدخل البيت حاملاً معه سلاحه الناري، ووجدهما في فراش الزوجية، فأطلق النار عليهما وأصابهما معًا إصابات مباشرة، أدت إلى وفاتهما في الحال، ومزق أزيز الرصاص سكون الليل في الحي الذي فُجع بمقتل أم لها أطفال، وشاب يافع في جريمة شرف نكراء في العرف المحلي.
سكونُ ليل الحي لم يتمزق وحده بالرصاصات، بل تمزق معه النسيج الأسري للعائلة الكبيرة، وتمزق مع السكون والنسيج الاسري مستقبلُ زغب الحواصل لا حول لهم ولا قوة، ضحايا لم يقترفوا ذنبًا، لكنهم سيدفعون الأثمان الباهظة، ولن ينسى المجتمع أن أمهم اقترفت في لحظة ضعف جريمة لوثت بها أولادها قبل أن تلوث نفسها وزوجها، وقبل أن تمزق بفعلتها نسيج أسرة كبيرة انطوت فيها صدور الجميع على لفح نار لا تخمد، وزوج حول نفسه في لحظة غضب إلى خصم وحكم وجلاد، وظل يسأل الناس ان كان انتقامه صوابًا.
بسبب اتصال ليلي بريء مع صديقتها .. فقدت الفتاة المغدورة حياتها !!
تفطن اهل الفتاة (ر.م.س) في الساعات المتأخرة من الليل إلى أن ابنتهم ذات الثمانية عشر ربيعًا تجري اتصالًا هاتفيًا عن طريق إحدى منصات “الانترنت” من داخل غرفتها، فارت دماءُ الاب والأبناء الأشقاء ضد هذه الأنثى التي تناسوا أنها أبنةً لكبيرهم، وأنها شقيقةً للأولاد، فلم يروا فيها والحنقُ يسبي عقولهم إلا عدوًا أجنبيًا يحاول تمريغ أنوفهم في وحل العار الذي لا يغسله إلا الدم، لم يعيروا توسلات الأم المكلومة انتباهًا والتي ناشدتهم أن يتريثوا قبل أن يحزموا أمرهم في القصاص، وأن يعطوها فرصةً لتقدم مبرراتِ هذا الاتصال الليلي المشؤوم، لكن على قلوبٍ أقفالها، اقتحموا الغرفة مثل ذئاب بشرية جائعة، وانهالوا عليها ضربًا ورفسًا وركلاً حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، اُتخذت الإجراءات القانونية، وأحيل الجميع الى ساحة العدالة بجريمة “ضرب أفضى إلى الموت”، وقبل يُوارى جسدها ثرى إحدى مقابر المدينة ، هبطت براءة المغدورة من السماء، إذ جاءت صديقتها إلى المأتم لتُقسم بأغلظ الأيمان أمام المُعزين بأنها هي المُتصلة بها في جنح الليل البهيم، وأن نقاشهما معًا كان حول ما طرأ من معلومات حول امتحان جامعي في الصباح الموالي ، وظلت صديقتها تصدعُ بشهادة الحق صراخًا وألمًا وتوجعًا حتى اضطروا إلى إبعادها عن المأتم، ولم تذهب المغدورة إلى ذلك الامتحان لأن الموتى يُطوقون بأكفان بيضاء تمنع الحركة، ويُوارون التُراب تحت أحجار ثقيلة تمنع النهوض.
الكثير من الجرائم الاسرية التي تتعلق
بالشرف تخسر الظروف القضائية المُخففة
عماد محمد المحامي قال بأن الكثير من الجرائم الأسرية التي تتعلق بما يسمى القتل صونًا للعرض وصونًا للشرف لا يستفيد فاعلوها من تخفيف الحكم باعتبار أن المواد العقابية في قانون العقوبات الليبي التي تتعلق بقتل أهل الفتاة أو الزوجة أو الأم أو الأخت التي تُضبط في حالة زنا تشترط أن يتم القتل حالاً، وألا يكون الفاعل قد عقد العزم على القتل أو خطط له أو جهز له سلاحاً، فعنصر المفاجأة هو الذي يحسم الأمر في عقيدة القاضي الذي ينظر الدعوى، فإذا فاجأ الزوج أو الأخ أو الاب من كان يرعاها في حالة زنا فقتلها أو قتلهما معًا في الحال، فانه يعاقب بالحبس، والحبس لا تزيد مدته عن ثلاث سنوات، وغالبًا ما يحكم القاضي بمددٍ قصيرة مع إيقاف التنفيذ، وحكمة المشرع في هذا النوع من الأحكام المخففة جدًا تتمثل في كون القاتل كان في حالة غضبٍ شديدٍ، وقتل الضحية أو الضحايا في نفس الوقت ولم تكن له فرصة في التفكير أو التروي بمعالجة الوضع على نحوٍ آخر مثل ترك العدالة تأخذ مجراها، أو الاتيان بأي فعل اجتماعي آخر.

وأضاف السيد عماد بأن الفاعل في جريمة الزوج الذي قتل زوجته وشقيقه من بين هذه الفئة التي لن تتمتع بالتخفيف الذي تضمنه القانون المُشار اليه، وفيما يتعلق بقتل الطفلة التي أتمت الرابعة عشر ولم تبلغ الثامنة فإنها شرعًا وقانونًا غير مُعاقبة إلا بنوعٍٍ من العقوبات التي تتعلق بحفظها في دور خاصة بالفتيات المنحرفات، أو ما يُعرف بدور الرعايا والحماية، وهي أيضًا وباعتبارها غير متزوجة فإنها من غير المُحصنات اللاتي يوقع عليهن المشرع حدودًا تتراوح بين الجلد والرجم ، مثلما حدث مع “الغامدية” التي اعترفت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بارتكاب الزنا، وطلبت إقامة الحد عليها، وأصرت على ذلك، وقد اعتبرها النبي العظيم من التائبات توبةً لو قُسمت على الدنيا لوسعتها.
القتل الأسري بدواعي الشرف من عادات
الجاهلية الأولى والدم لا يغسل العار

قالت بأن القتل بدواعي الشرف، وهو كما تقول غالبًا إما أن يكون ناجمًا عن ادعاءات أو ظنون أو شكوك، وإما أن يغيب فيه الأثباتُ الشرعي، كما ورد في القرآن الكريم، حيث لا يثبت عن المتهم به إلا بشهادة أربعة شهود ثقاة، فإنه – تضيف الأستاذة عبير – من عادات العرب في الجاهلية، حين كانت الانثى تُقبر حتى وليدةً حال حياتها، قبل أن تقترف إثمًا، وأضافت بأن الذكور يعتقدون بأن قتل الأنثى المتهمة بارتكاب الأفعال المُشينة يغسل العار، مؤكدةً بان القتل لا يغسل شيئًا، وأنه قد يُطيح بهم في الدنيا تحت طائلة القانون، وفي الآخرة تحت الحساب الشديد حال الظلم والافتراء وإزهاق روح بريئة ، مُذكرةً الجميع بوصايا الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أوصى خيرًا بالقوارير.
أولياءُ دمٍ نصبوا أنفسهم قضاةً وجلادين
الدكتور أنور وادي قال بأن الموضوع من المواضيع الجديرة بالطرح والجديرة بالتحقيقات الاستقصائية المُعمقة بسبب انتشارها في ظل انتشار السلاح وفي ظل الفوضى العارمة التي تجتاح بعض البلدان ومن بينها بلادنا العزيزة، وأضاف بأن المنظومة التربوية والمنظومة الأخلاقية والاجتماعية في حاجة مُلحة لمراجعات مستمرة للتعرف عن أسباب انتشار الفساد الأخلاقي الذي فاق التوقعات خاصةً بعد التطور التقني المُدهش في وسائل الاتصال الالكتروني، ما ساهم في نشر الكثير من القيم والانحرافات الدخيلة على المجتمع العربي المسلم الذي لا يزال يتمسك بالقيم الإسلامية العظيمة، ويواجه تحديات خطيرة، تمثلت في تقنيات الاتصال التي ولجت كل البيوت بثقافاتها الخطيرة، وأصبح منعها ضربًا من الخيال، بعد أن تحولت المنصات فيها إلى جسورٍ تربط الطالب بالمؤسسة التعليمية في مختلف المراحل، ولا سبيل للاستغناء عنها، وأضحى الطالب يتلقى منها المحاضرات ومواعيد الامتحانات والدروس والنتائج وغير ذلك.

الدكتور أنور أضاف بأن المنظومة الدينية والمتمثلة في المناهج التعليمية الدينية وفي المساجد وفي المؤسسات التعليمية والمؤسسات الإعلامية في حاجة الى تأدية دورها في التوعية بسبل التربية القويمة على القيم، والتوعية بحكم الإسلام في مواجهة الانحلال والتوعية بدور الأب والام والاسرة مجتمعةً في المحافظة على الخلية الاسرية دون تفريط او افراط ، وأهمية عدم إقدام الافراد على أفعال تتعلق فقط بولي الامر العام المتمثل في القضاء العادل وفي الأجهزة الأمنية، وعدم القيام بإنزال أي عقوبات من تلقاء النفس، دون دراية بالعلوم الدينية والاجتهاد والاحكام الشرعية، وصفة من يطبق الحكم ويُنفذه، خاصةً تلك الاحكام التي تتعلق بحق الإنسان في الحياة، مُناشدًا الجميع إلى أن يتبينوا، وأن يتقوا الله تعالى في بناتهم، وفي أولادهم وفي نسائهم جميعًا. وأختتم الدكتور أنور حديثه بالقول بأنه من غير المعقول أن يقوم أهل الأنثى المُتهمة بالزنا بالأفعال التي تتعلق بالسلطة التشريعية، والافعال التي تتعلق بالسلطة القضائية والأفعال التي تتعلق بالسلطة التنفيذية، بمعنى أن يتحولوا إلى قضاةٍ وجلادين وهم أولياء الدم ليقوموا في النهاية بالتنازل عن الحق في الفعل الذي اقترفوه بأنفسهم.
على المشرع سن ما يراه مناسبًا من قوانين تردع الظالمين
إن انتشار القتل الأسري بمزاعم صون الأعراض وغسل العار من الظواهر المقيتة التي تتعارض مع القيم الأخلاقية والقيم الدينية والقيم السماوية التي تضع الروح البشرية في مكانة مرموقة، ولا تسمح بالمساس بها إلا بالحق البين الذي لا يقوم على الأهواء ولا يقوم على الظنون والشكوك، ولا ينعقد ساعة الغضب أو القلق أو التوتر، ويخضع لأحكامٍ بينةٍ، تتطلب قدرً محددًا من الشهود العدول العقلاء، مثلما تتطلب قصاصًا عادلاً يُقيمه ولي الأمر المتمثل في السلطة العامة، بعد منح كل الخصوم في القضية الشرفية الحق في الدفاع عن النفس، والحق في إبداء الاستئناف والطعون حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في القضايا الشائكة، وعلى المؤسسات الإعلامية والدينية والتربوية تأدية ما عليها من أدوارٍ تتعلق بالتوعية والنصيحة للحد من انتشار هذه الظواهر الخطيرة، كما ينبغي على المشرع سن ما يراه مناسبًا من قوانين تردع الظالمين عن ظلمهم وتقضي على هذا الباطل من اجل بناء مجتمع مسلم عظيم يقوم على العدالة وعلى حفظ النفس البشرية وصونها من الافتراء، وصونِ الأرواح البريئة من الازهاق بظلمٍ وعدوان.
أنجزت هذه المادة الصحفية بدعم من منظمة صحفيون من أجل حقوق الإنسان JHR