عندما يدافع العرف الاجتماعي على المتهم

من ينتصر لحق المعنفات !؟

تحقيق: وفاء بوجواري

سامية (مطلقة) قالت وهي تسرد أحداث قصتها بأنها ارتبطت بمن اختارته زوجاً لها، وتحدت أسرتها كون زوجها من (العائدون) مصري الأصل لكنه مقيم في ليبيا منذ فترة طويلة. ارتبطت سامية به وكانت حصيلة زواجهما ولدًا وبنتًا، هما الآن في مرحلة الشباب.

كانت حياتهما في مستوي أقل من المتوسط، رغم ذلك تجاوزت الظروف، ورضخت للعيش مع (والدة زوجها) صعبة المراس – كما تقول – والتي بدأت في معاملتها بشدة كونها (الكنّة الاولي) بداعي غيرتها على ابنها، وقد زرقت بمولودين خلال هذا الزواج.

مع كل هذا لم تجد بُدًا من استمرار حياتهما خوفًا من كلام الناس، وغيرها من الاعتبارات الاجتماعية، وزاد الأمر عندما اكتشفت أن له علاقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وواجهته بالأدلة لكنه كان في كل مرة يتحجج بمبررات مختلفة، إلى أن اكتشفت بأنه مسافر إلى دولة عربية دون أن يبلغها إلى أن عاد لتكتشف أوراق تخص سيدة (عربية) واجهته بها لكنه تحجج بأنه يبحث لها عن عمل في ليبيا، إلى أن اكتشفت عن طريق مكالمة هاتفية من رقم مجهول بأن زوجها تزوج، فطلبت الطلاق، وتقدمت بقضية طلاق للضرر.

وكسبت القضية على أن يتكفل طليقها بمصاريف الأبناء، ولكن محاميته قالت بأنه يعول زوجة ثانية ولا يستطيع أن يصرف على الزوجتين.

نهال خالد (مطلقة) حكت قصتها حول زواجها القصير، كانت قد تكفلت فيه بجل المصاريف كون من تقدم لخطبتها يعاني من ظروف مادية صعبة.

تقول نهال أنها كانت تتعرض للتعنيف باستمرار من قبل زوجها، ناهيك أنه لم يكن يوفر شيئًا من احتياجات المنزل، وفي النهاية تم الانفصال.

الأستاذة مبروكة بالتمر

محامية ورئيس مفوضية المجتمع المدني، تقول:

العنف ضد المرأة في ليبيا موضوع مهم حيث أن الجانب الاجتماعي في ليبيا يعتبر من أكبر العوائق أمام المرأة، العرف في ليبيا والمتمثل في الأسرة والقبيلة دائمًا ما توجه اللوم للمرأة، ويجب عليها أن تصمت ولا تشتكي ضد زوجها، حتي وإن اعتدى عليها أو أهانها.

مبروكة بالتمر

وتضيف بالتمر: مهما كانت المرأة مظلومة يجب عليها أن تصمت وتصبر من أجل الأسرة والأبناء، وهذه هي الحقيقة الموجودة في ليبيا، القانون الليبي لا توجد به نصوص خاصة بحماية المرأة من هذا النوع من التعنيف، إنما هناك نصوص موجودة في قانون العقوبات، مثلاً نص إساءة معاملة أحد أفراد الأسرة باعتبار أن المرأة، أو الزوجة أحد أفراد الأسرة، فالإساءة إليها من الزوج ينطبق عليها هذا النص، أما الضرب فهناك نصوص تناولها قانون العقوبات الليبي، كالضرب والإيذاء الجسدي حسب الحالة، وتقرير الطب الشرعي هو من يصنف هذه الحالة، وعلي ضوءها تكون الجنح والجنايات بحسب الضرر.

في القانون الليبي وجدت هذه النصوص وهي تطبق بشكل عام وليست خاصة بالمرأة ولا توجد قوانين لحماية المرأة مع بعض القوانين المقارنة، أعتقد بأن هناك مجموعة من السيدات يسعين إلى تقديم قانون لحماية المرأة، والعنف ضدها، واتمنى لمساعيهن التوفيق.

 

الدكتورة سعاد المجبري، اخصائية نفسية، تطرقت إلى الجانب النفسي للتعنيف، وقالت:  أن هناك حالات كثيرة تعرضت فيها زوجات لسلوك نمطي يتعلق بالإساءة في المعاملة، وقد لا يكون بالأمر الواضح والصريح، ويجب أن تكون المرأة واعية بما يحدث حولها، وأن تدرك أن هناك العديد من الأشخاص الذين يتعرضون لسوء المعاملة لفترات طويلة من الزمن، والبعض يجد صعوبة في  تمييز انماط العلاقات غير الصحية، ولا يدركون مخاطر الإساءة بشكل مستمر، وتعتبر الإساءة نمط من السلوك يستخدمه شخص ما لاكتساب القوة، والإساءة والسيطرة علي شخص آخر والحفاظ عليها، ويمكن أن تتخذ هذه السلوكيات أشكالاً مختلفة لأنها تتعدى القوة البدنية ،وممارسة العنف أحد أشهر أنواع العنف والايذاء التي تتعرض له المرأة: سوء المعاملة العاطفية، والإساءة النفسية، والاعتداء اللفظي، والايذاء الجسدي، والاستغلال المالي، والمعاملة العنصرية.

 فرج بو عيشة، هو مستشار تربوي، قال إن الجميع يعرف أن العنف مرفوض، خصوصًا إذا كان يمارس على المرأة فما بالك إذا كانت زوجة.

العنف في أبسط معانيه هو كل ما يهين الكرامة، ويسلب الحرية، ويعبر عن الكره، سواءً كان نفسيًا، أو جسديًا، أو جنسيًا، أو اقتصاديًا، أو إلكترونيًا، وغيره من الصور.

وللأسف مع صور التحضر والوعي في المجتمعات، ما زلنا نرى العنف يمارس بمختلف صوره على الزوجة بشكل واضح وهذا مع عدم التعميم.

وممارسة العنف لها تداعيات كثيرة على الأسرة من ناحية ترابطها واستقرارها، خصوصًا في حال وجود أبناء يعيشون في أجواء كلها عنف وتنمر وضرب وخوف. وبالتالي ماذا ينتظر من مجتمع يشاهد أبنائه يعيشون العنف والخوف والكراهية، دون أن يحرك ساكنًا، فالمعالجات تحتاج لتظافر الجهود، ورفع الوعي المجتمعي بين مختلف فئات المجتمع.

فتحية المحجوب مستشارة اجتماعية، قالت إن عنف الشريك هو أحد أنواع العنف الأسري الذي يقوم به الزوج ضد زوجته بمختلف أنواع العنف، سواء كان لفظيًا، أو اقتصاديًا، أو جنسيًا، بمعني ممارسة الجنس دون موافقتها، أو إجبارها على ممارسة هذه العلاقة، أو حرمانها من حقوقها، أو إهانتها وشتمها، وعدم احترامها.

فتحية المحجوب

فيما يخص عدد السيدات اللائي وقع عليهن العنف في ليبيا، استبعدت المحجوب أن تكون هناك إحصائية معينه بهن، لأنه لم يتم حصر هذه الحالات، أو لعدم وعي المرأة بحقوقها من خلال تبليغ الجهات المسؤولة بأنها تعرضت للعنف.

وتضيف أنه من خلال عملها كمسؤولة دعم نفسي بمنظمة “أمازونات ليبيا” وصل عدد الإحصائية من العام 2016 حتى العام 2021 حوالى 7 آلاف حالة مُعنّفة بكافة أنواع العنف.

وعلى المستوى الدولي بلغت الإحصائية حوالي 30% بحسب إحصائية الأمم المتحدة، تعرضن لعنف الشريك بكافة أنواعه حول العالم.

وتأكيداً علي أهمية تناول هذا الموضوع كونه في تزايد فقد كنت للبعثة الأممية موقف داعم للمرأة في ليبيا من خلال مبادرة حملة الـ16 يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة والفتيات في ليبيا في 26 نوفمبر 2023 حيث عبرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن وقوفها في صف المدافعين الليبيين عن حقوق المرأة في دعم حملة الـ16 يومًا للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات، ودعت جميع السلطات الليبية إلى تعزيز بيئة تحترم وتحمي النساء والفتيات في ليبيا، بما يتماشى مع التزاماتها الدولية، وفق بيان نشرته البعثة عبر موقعها على الإنترنت.

شكل مجلس النواب الليبي لجنة برلمانية لدراسة قانون يجرم كافة اشكال العنف ضد المرأة، وأكد علي ضرورة التعجيل بإصدار القانون، كما حث الجهات القضائية، والأمنية علي اتخاذ الاجراءات اللازمة حيال منتهكي حقوق النساء.

مجلس النواب الليبي

كما قامت لجنة شؤون المرأة والطفل بالمجلس في 22 يونيو 2023، بتنظيم ورشة عمل حول قانون مناهضة العنف ضد المرأة، وناقشت الورشة التعديلات على مواد مشروع القانون، وشمل النقاش القانون بمختلف جوانبه، حيث تم الاتفاق على تجميع المُقترحات الخاصة بالتعديلات على مشروع القانون للخروج بمسودة مُوحدة بالمنطقة الشرقية، على أن يتم التحضير لإعداد ورشة عمل الفترة المُقبلة بالمنطقتين الغربية والجنوبية لتجميع المقترحات بها على مشروع القانون ليتم إحالته لاحقًا.

 

 

تم إنجاز هذه المادة الصحفية بالتعاون مع صحفيون من أجل حقوق الإنسان JHR والصندوق الكندي للمبادرات المحلية، والمؤسسة الليبية للصحافة الاستقصائية LIFIJ

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى